تعد قضايا البيئة والتغير المناخي من أكبر التحديات التي تواجهها البشرية في القرن الحادي والعشرين، ومع تزايد الوعي بأهمية حماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة، يلعب «التعليم الأخضر» دوراً حاسماً في تعزيز الوعي البيئي وتشجيع الأجيال الصاعدة على اتخاذ إجراءات إيجابية للحفاظ على البيئة، وفي هذا السياق، تأتي تكنولوجيا التعليم الأخضر كوسيلة فعالة لتحقيق هذه الأهداف.
وقد فعَّلت المدارس «تكنولوجيا التعليم الأخضر» من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي والتطبيقات التعليمية، والألعاب التعليمية، والابتكارات التقنية من أجل تعزيز التوعية البيئية والاستدامة في المجتمع، إذ أصبح بإمكان المدارس توفير تجارب تعليمية فريدة تركز على قضايا البيئة والتحديات التي تواجه كوكب الأرض، ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير تطبيقات تعليمية مبتكرة تساعد الطلاب على استيعاب مفاهيم الاستدامة والاحتراق النظيف وإدارة الموارد الطبيعية بطرق فعالة، علاوة على ذلك، توفر الألعاب التعليمية فرصاً تفاعلية ومسلية للطلاب لاستكشاف مفاهيم البيئة واتخاذ القرارات البيئية الصحيحة، ومن خلال الابتكارات التقنية مثل الأجهزة المحمولة والواقع الافتراضي، يمكن للطلاب الانغماس في تجارب واقعية تحاكي التحديات البيئية وتشجعهم على التفكير النقدي وابتكار الحلول المستدامة.
مجال مثير
وقالت الدكتورة إيناس أبو لبدة، الأستاذ المشارك في كلية التربية والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة العين، إن تكنولوجيا التعليم الأخضر تمثل مجالاً مبتكراً ومثيراً لتعزيز الوعي البيئي لدى الطلاب من خلال استخدام التطبيقات والألعاب التعليمية والابتكارات التقنية المتقدمة، تشجع الطلاب على اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة للحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، ومع استمرار التقدم التكنولوجي، يمكن توقع مزيد من الابتكارات في مجال التعليم الأخضر، وتعزيز الوعي البيئي لدى الأجيال القادمة.
وأكدت أهمية استخدام التكنولوجيا بشكل فعال ومستدام في المجال التعليمي، ويتمثل في تقديم الدعم لعمليات التعليم والتدريس بطريقة تقلل من الأثر البيئي وتعزز الاستدامة، إذ هناك حاجة كبيرة لنشر التوعية بمفاهيم التعليم الأخضر وإدراجها ضمن المناهج والأنشطة التعليمية والاجتماعية.
وأوضحت أبو لبدة أنه لمواجهة هذه التحديات يمكن الاستعانة بالتكنولوجيا المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي لتقديم حلول تتماشى مع جيل ألفا Alfa، ويعتبر البوت الحواري chat pot الذي يمكن تغذيته بالمعلومات المسبقة، أحد الحلول، كما يمكن استخدام منصات التواصل الاجتماعي الحديثة ديسكورد Discord ودمجها ضمن منصات التعلم الرقمية.
وفي السياق ذاته، قالت المعلمة ميثاء قران المنصوري: تعد الألعاب التعليمية أداة فعالة لجذب انتباه الطلاب وتشجيعهم على التعلم بطرق مبتكرة، ومن خلال تقديم ألعاب تعليمية تركز على القضايا البيئية، يمكن تعزيز الوعي البيئي لدى الطلاب بطريقة ممتعة ومثيرة، وعلى سبيل المثال، يمكن للألعاب التعليمية أن تساعد الطلاب في فهم تأثير التلوث على البيئة والحياة البرية، وتعريفهم بأنواع الطاقة المتجددة وأهميتها.
وحددت المنصوري 10 ألعاب يمكن أن تعزز الوعي البيئي لدى الطلبة، وهي مهمة الحديقة الخضراء، استدعاء الطيور، الرحلة نحو الطاقة المتجددة، بناء المدينة الصديقة للبيئة، المحيطات النظيفة.. مغامرة الإنقاذ، بالإضافة إلى تحدي النفايات، استكشاف الطبيعة، الزراعة المستدامة، التحدي البيئي، ومهمة إنقاذ المحيط.
من جانبها، قالت المعلمة شيخة الزيودي، إن الابتكارات التقنية المتقدمة تسهم في تعزيز الوعي لدى الطلاب، فمن خلال الابتكارات التقنية مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز، يمكن للطلاب أن يعيشوا تجارب واقعية تتعلق بالبيئة ويكتسبوا مهارات عملية في حل المشكلات البيئية، فعلى سبيل المثال، يمكن للطلاب استخدام الواقع الافتراضي لاستكشاف الغابات المطيرة والشعاب المرجانية المهددة بالانقراض.
وأضافت أنه يمكن استخدام التكنولوجيا في تعزيز التفاعل والتعاون بين الطلاب في سبيل تحقيق أهداف التعليم الأخضر، وعلى سبيل المثال، يمكن إنشاء منصات تفاعلية عبر الإنترنت تتيح للطلاب التواصل ومشاركة الأفكار والمشاريع المبتكرة في مجال البيئة، ويمكن أن تعزز هذه الابتكارات التعاون والتبادل الثقافي بين الطلاب من مختلف الثقافات والبلدان.
وتابعت أنه في دروس البرمجة، مثل لعبة «ماينكرافت»، يتعلم الطلاب تعزيز الممارسات الصديقة للبيئة في مختلف جوانب الحياة، مثل جودة المياه، وتقليل النفايات، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وحماية المحيطات والبحار، والحلول المبتكرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لتحديات الاستدامة.
وذكرت أن نادي الاستدامة في المدرسة التي تعمل بها، يعمل على نشر الفعاليات البيئية وتصميم حلول مبتكرة للتحديات الخاصة بالاستدامة، مثل جهاز ترشيد استهلاك المياه للمطابخ، وغيره، ويتم تدريب الطلبة على حقائب الابتكار وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لإيجاد حلول مبتكرة للمشاكل البيئية.
تطبيقات تعليمية
بدورها، اعتبرت المعلمة رائدة فيصل، أن التطبيقات التعليمية وسيلة قوية لنقل المعلومات وتشجيع التفاعل والمشاركة الفعالة فيما يتعلق بالقضايا البيئية، فمن خلال تلك التطبيقات، يمكن للطلاب استكشاف مواضيع متنوعة مثل التنوع البيولوجي، وتلوث الهواء، والتغير المناخي بطرق تفاعلية وشيقة، كما يمكنهم حل التحديات والألغاز المتعلقة بالبيئة، والمشاركة في نقاشات جماعية حول حلول مستدامة للمشكلات البيئية.
وأكدت أن التعليم يحتل الصدارة في مختلف المجتمعات من أجل تعزيز الوعي البيئي ومحو الأمية البيئية، لتصبح عنصراً حاسماً في تشكيل مستقبل مستدام وبناء أجيال الاستدامة، لذلك كان لا بدّ من الاستفادة القصوى من تكنولوجيا التعليم الأخضر ومواكبة التطور التكنولوجي والاستفادة منه في سائر عناصر العملية التعليمية بكفاءة عالية.
المصدر: دبي - رحاب حلاوة