تخطط هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» لبناء نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها، في حين تجري مفاوضات لإتاحة الوصول إلى أرشيفها المهول أمام كبرى مجموعات التكنولوجيا التي تطور التكنولوجيا المتطورة.
وتسعى هيئة الإذاعة الوطنية في المملكة المتحدة إلى استغلال إرثها الصحافي الذي يعود إلى عقود من أجل «تدريب» نموذج للذكاء الاصطناعي التوليدي، وهي أنظمة يمكن لها إنتاج نصوص ومقاطع صوتية وأكواد بسرعة، وفق أشخاص على صلة بالتحركات. ومن شأن هذا التحرك تعزيز منتجات لدى الهيئة يمكن استخدامها في العمل الداخلي، مثل أدوات لمساعدة الصحافيين في إنتاج التقارير.
وقالت المصادر إن «بي بي سي» أجرت أيضاً محادثات منفصلة مع شركات للتكنولوجيا، مثل «أمازون»، بشأن إتاحة استخدام محتواها لتدريب النماذج «التأسيسية» للأغراض العامة، التي يستخدمها المطورون لبناء تطبيقات جديدة.
ومن شأن أي اتفاق بشأن بيع إمكانية الوصول إلى أرشيف «بي بي سي» أن يكون مربحاً. تجدر الإشارة هنا إلى إبرام مجموعات إعلامية مثل «آكسل سبرينغر» و«لوموند» صفقات بمليارات الدولارات مع «أوبن إيه آي»، تستخدم الأخيرة بموجبها الإرث الصحافي لكلتا المؤسستين لتدريب نماذجها للذكاء الاصطناعي، بينما عقدت أخريات مثل «تومسون رويترز» عدة صفقات من هذا النوع مع مطورين للذكاء الاصطناعي.
وتأتي هذه المفاوضات قبل عرض «بي بي سي» لاستراتيجيتها الأسبوع المقبل، المتوقع أن تكشف خططها بشأن مزيد من الفرص التجارية، مع سعيها إلى تنويع الدخل بعيداً عن اعتمادها على رسوم الترخيص الوطنية.
وأفاد شخص على اطلاع بالأمر بأن تطوير «بي بي سي» لمنتجات تعتمد على الذكاء الاصطناعي من خلال فريق البحث والتطوير الخاص بها من المرجح أن ينطوي على استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي «مفتوحة المصدر»، أي تلك المتاحة للعموم.
ويُعدّ أرشيف المحتوى الخاص بـ«بي بي سي» قيّماً لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، بالنظر إلى كونه ذا طابع محايد نسبياً في الكثير مما أنتجته، ومع ذلك أبدى علماء البيانات قلقهم من أن تدريب الذكاء الاصطناعي على محتوى ذي ميول يمينية أو يسارية سيسفر عن نماذج ذات مشكلات هي أيضاً.
ومع ذلك، أعرب المسؤولون التنفيذيون لدى «بي بي سي» عن قلقهم من استخدام شركات الذكاء الاصطناعي فعلياً محتوى هيئة الإذاعة في تدريب النماذج، على الرغم من جهودها الرامية إلى منعهم من الوصول إليه، بالنظر إلى أن غالبية محتوى «بي بي سي» متاح مجاناً على الإنترنت وليس وراء جدار للدفع.
وفي إشارة إلى خطط تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، صرّح رودري ديفيس، مدير قسم الدول لدى «بي بي سي»، هذا الشهر أمام لجنة في مجلس اللوردات، بأن هيئة الإذاعة كانت تنظر «فيما إذا كانت ستفعل ذلك في سياق شراكة أم على نحو أحادي الجانب».
وأضاف: «سنحتاج أيضاً لإجراء تقييم للتكاليف بشأن هذا الأمر. من الواضح أن بي بي سي تتمتع بأرشيفات سمعية وبصرية تعود إلى 80 عاماً تقريباً، وكذلك أرشيف نصي مهول على شبكة الإنترنت. ننظر على نحو نشط فيما إذا كان يمكن لذلك أن يكون خياراً لنا».
تُجري «بي بي سي» بالفعل تجارب على استخدام الذكاء الاصطناعي في غرفة التحرير لديها، لكنها وضعت قواعد لضمان خضوع أي محتوى منشور للإشراف البشري، فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام هذه التكنولوجيا للتوصية بعناوين للتقارير، لكن اتخاذ القرار سيكون في أيدي المحرر أو الصحافي.
وأعلنت «بي بي سي» أنه «ليس هناك اتفاق مع أي منظمة لاستخدام أرشيفها لتدريب النماذج اللغوية الكبيرة التي تشغل أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي للاستخدام التجاري. ونحن نفحص حالياً مجموعة كبيرة من المشكلات، مثل التحيز المحتمل في مثل هذه النماذج، وكيف يمكن لـ«بي بي سي» معالجتها، سواء من خلال شراكة، أو على نحو أحادي الجانب».