مع تعثر التعافي.. الصين تشهد واحدا من أسوأ أعوام النمو منذ 33 عاما


مع تعثر التعافي.. الصين تشهد واحدا من أسوأ أعوام النمو منذ 33 عاما

نما الاقتصاد الصيني في 2023، بأحد أبطأ معدلاته منذ أكثر من ثلاثة عقود، حسبما أظهرت أرقام رسمية اليوم الأربعاء، حيث تعرض لأزمة عقارية خانقة وتباطؤ الاستهلاك والاضطرابات العالمية.

وكانت الأرقام متماشية مع التوقعات حتى تجاوزت هدف بكين ولكن من المرجح أن تزيد من الضغوط الجديدة على المسؤولين لكشف المزيد من إجراءات التحفيز لبدء النشاط التجاري ودفع جيش المستهلكين في البلاد إلى الإنفاق مرة أخرى.

وكشف المكتب الوطني الصيني للإحصاء، أن الناتج المحلي الإجمالي توسع بنسبة 5.2 في المائة ليصل إلى 126 تريليون يوان (17.6 تريليون دولار) العام الماضي.

وتراجعت الأسواق في آسيا بسبب هذه الأخبار، حيث أغلقت بورصة هونج كونج على انخفاض 3.7 في المائة، وانخفضت بورصة شنغهاي 2 في المائة.

لكن الوضع الحالي أفضل من نسبة 3 في المائة المسجلة في 2022، عندما دمرت قيود كوفيد النشاط، لكنها تمثل أضعف أداء منذ 1990، باستثناء أعوام الجائحة.

وفي حين ستنظر حكومات أخرى مثل أمريكا وأوروبا إلى 5.2 في المائة بحسد، التي توسعت كل منها بـ2 في المائة في 2022، فإنها أقل بكثير من المستويات التي كانت تبلغ 6 أو 7 في المائة في العقد الأول من القرن 21.

وبعد رفع إجراءات كوفيد الصارمة في نهاية 2022، حددت بكين لنفسها هدف نمو يبلغ 5 في المائة للعام الماضي، وتمتع الاقتصاد بانتعاش أولي بعد الوباء، لكنه نفد قوته في غضون أشهر حيث أدى نقص الثقة بين الأسر والشركات إلى التأثير في الاستهلاك.

وقال تشيوي تشانغ، الرئيس وكبير الاقتصاديين في شركة Pinpoint Asset Management، "مع انخفاض الاستثمار في قطاع العقارات، أصبح الاقتصاد أكثر اعتمادا على قطاع التصنيع وقطاع الخدمات".

وقال سند تيو ميفيسين، الخبير الاقتصادي الصيني في رابوبنك لوكالة فرانس برس "التحديات الرئيسة التي تواجه الصين لا تزال تتمثل في القطاع العقاري المعطل وما يرتبط به من انخفاض مستويات الاستهلاك الخاص".

وأظهرت إحصاءات الشهر الماضي استمرار الانكماش للشهر الثالث على التوالي، ما يؤدي على الأرجح إلى تفاقم إحجام المستهلكين عن الإنفاق.

وانخفضت الصادرات، التي تعد تاريخيا محركا رئيسا للنمو، في العام الماضي للمرة الأولى منذ 2016، ما يعكس كيف تؤدي التوترات مع أمريكا، والانتعاش الاقتصادي العالمي المتعثر إلى تفاقم نضالات بكين لإنعاش النمو في الداخل.

انتعاش مخيب للآمال

وتظل أرقام الناتج المحلي الإجمالي في الصين تشكل مصدرا رئيسا للتعرف على صحة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، على الرغم من كونها سياسية بشكل بارز.
ومن المقرر أن يعلن المسؤولون هدف النمو لعام 2024 في مارس.

وبين الربعين الثالث والرابع -وهي أرقام تعكس الوضع الاقتصادي في الوقت الحقيقي- فقد نما بنسبة 1 في المائة فقط، وشهد شهر ديسمبر تباطؤ مبيعات التجزئة -وهو مؤشر رئيس لإنفاق الأسر- بعد انتعاشها في الشهر السابق.

كما ارتفعت معدلات البطالة بشكل طفيف إلى 5.1 في المائة - على الرغم من أن الإحصائيات تستبعد فعليا ملايين العمال المهاجرين من المناطق الريفية.

وأظهرت الإحصاءات الرسمية أيضا أن الانخفاض السكاني في الصين تسارع في 2023، ليواصل خطا نزوليا بعد أكثر من ستة عقود من النمو في الوقت الذي تكافح فيه البلاد أزمة ديموغرافية تلوح في الأفق.

وقال شهزاد قاضي، المدير الإداري لشركة China Beige Book، لوكالة فرانس برس: "ما شهدته الصين العام الماضي ربما كان أكثر انتعاش مخيب للآمال يمكن تصوره بعد كوفيد"

وأضاف "لقد تعثر الاقتصاد حتى نهاية التقويم"، مبينا أن أي تسارع حقيقي في العام المقبل سيتطلب إما مفاجأة صعودية عالمية كبيرة أو سياسة حكومية أكثر نشاطا.

فيما قال تشاوبينج تشو، من جيه بي مورجان لإدارة الأصول "إن التحفيز المالي الأقوى ضروري لدعم النمو وثقة السوق".

المخاطر كثيرة

وسعت الصين، تحت وطأة الافتقار إلى الثقة في قطاع الأعمال وتباطؤ الاستهلاك، إلى جذب المستثمرين الدوليين مرة أخرى، وفي حديثه بمنتدى "دافوس" أمس الثلاثاء، رسم لي تشيانغ رئيس مجلس الدولة صورة متفائلة للاقتصاد، وقال "إن اختيار السوق الصينية ليس مخاطرة ولكنه فرصة".

وأضاف "لكن المخاطر كثيرة، وأبرزها في سوق العقارات المترنحة في البلاد، والتي مثلت لفترة طويلة نحو ربع اقتصاد الصين وشهدت نموا باهرا على مدى عقدين من الزمن.

وتعمل المشاكل المالية في الشركات الكبرى مثل Evergrande وCountry Garden الآن على تغذية عدم ثقة المشترين على خلفية مشاريع الإسكان غير المكتملة وانخفاض الأسعار.

وكان كثير من الصينيين ينظرون إلى العقارات لأعوام على أنها مكان آمن لحفظ مدخراتهم، لكن انخفاض الأسعار أضر بمحافظهم بشدة ولم يكن لتدابير دعم بكين للقطاع تأثير يذكر حتى الآن، كما يثقل كاهل الاقتصاد نقص فرص العمل للشباب في البلاد.

وقال مسؤولون إن أكثر من واحد من كل خمسة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما في الصين كانوا عاطلين عن العمل في شهر مايو، ثم علقت بكين النشر الشهري لأرقام البطالة بين الشباب في أغسطس.

لكنها نشرت أرقاما على أساس سنوي اليوم الأربعاء، قائلة إن معدل البطالة بين فئة (16 إلى 24 عاما باستثناء الطلاب) بلغ 14.9 في المائة في 2023. 

_ الاقتصادية